بين بداية ونهاية الأسبوع، تركز اهتمام المصريين على تحذيرين من ضياع هيبة الدولة وكرامتها.. الأول صدر من مستشارة سبق أن اعتلت منصة القضاء والآخر صدر من سائق توك توك مطحون في شوارع المحروسة.

والمفارقة أن تحذير القاضية السابقة تهاني الجبالي انصب على انتقاد تصرف اجرائي تعرضت له في مطار القاهرة معتبرة أنه يمس كرامتها وهيبتها، وغضبت لما اعتبرته مساسا بكرامتها وكرامة الفئة التي تنتمي لها قائلة إنها من كرامة الدولة.

لكن سائق التوك توك البسيط تحدث من منظور أوسع عن معاناة جموع غفيرة من سياسات حكومية وأوضاع اقتصادية ربما كانت السيدة تهاني تحاول اظهار انشغالها بها حين خاضت الانتخابات البرلمانية.

وسخر رواد مواقع التواصل الاجتماعي من رفض المستشارة تهاني الجبالي للتفتيش اليدوي وخلع الحذاء في مطار القاهرة باعتباره حذاء "VIB". وانشغلوا في نهاية الأسبوع بحديث سائق"التوك توك" مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج واحد من الناس الذي يذاع على فضائيه الحياة الاولى، متحدثاً بما يؤرقهم، ليعري الجميع ويبين أن هيبة الدولة أصبحت على المحك خارجا بسبب المساعدات الخليجية لدعم الاقتصاد، وداخليا بسبب المعاناة اليومية للمواطن البسيط وإهدار حقوقه.واعتبر رواد مواقع التواصل أن تلك القضايا أهم وأقوى مما اعتبرته المستشارة تهاني انتهاكاً لكرامتها وكأنها فوق المواطن العادي الذي ومن المفترض أنها حاربت لتفوز بتمثيله بالبرلمان ضد قائمة "في حب مصر".

السيدة تهاني قالت في تصريحاتها "أنا نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وهذا منصب قضائي رفيع ويجب احترامة وخلع الأحذية للوزراء والمناصب القضائية انتهاك للكرامة الإنسانية".

وكأنما نسيت سيادة المستشارة أنها نائب سابق للمحكمة الدستورية العليا، وليست نائبا حاليا كما تحدثت.

انتقادات لاذعة

تصريحات السيدة تهاني لاقت انتقادات شديدة من رموز إعلامية وبرلمانية، كان منهم الإعلامي مفيد فوزي والذي قال في مداخلة هاتفية مع قناة "On E"، يوم السبت، إن "الجبالي على رأسها ريشة" ومن المفترض أن تكون قدوة للجميع، وأن هذا الإجراء ليس ضد الكرامة الشخصية، وأن المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، خضع لذلك الإجراء في عدد من مطارات العالم، ولم يبد اعتراضه على الإطلاق. وأضاف أن الجبالي علّمت المصريين العدل والإنصاف، ويجب عليها احترام القواعد والقوانين في مصر، حيث أن ذلك الإجراء استثنائي ويجب أن نحترمه ونخضع له من أجل الأمان.

وتسبب الإعلامي عمرو أديب، في إحراج المستشارة تهاني الجبالي، خلال برنامج "كل يوم"، المذاع على فضائية" ON E" قائلًا لها: "هذا الأمر قد إنتهى في العالم، البابا تواضروس تم تفتيشه، وجون كيري خلع حذائه بمطار القاهرة".

رفض النواب

وانتقد حاتم باشات عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الشئون الأفريقية، عبر وسائل الإعلام تصرف السيدة تهاني مؤكدا أنه يجب على أى شخصية مصرية الخضوع للتفتيش لأنه إجراء أمنى لابد أن يتبع ولابد من احترامه، ويجب على الشخصيات القضائية والبرلمانية والأمنية أن يكونوا قدوة لأى مصرى يحترم إجراءات المطارات، مشيرًا إلى أنه يعترض على حديث السيدة تهاني عن خلع الأحذية لما يمثله من إهانة، قائلاً "دى مش إهانة واحنا بنرحب بأى تفتيش، وأنا شخصياً ضد ما فعلته عملته المستشارة تهاني، لأن أيا كان منصب الشخص لابد أن يخضع لإجراءات التفتيش ودي حاجة متزعلش حد، وأنا كنت فى مطار في المانيا مع مجموعة من النواب وخلعت الحذاء والحزام عادي جدًا."

تهاني ليست وحدها

واقعة المطار أثارت مجددا علامات استفهام حول مواقف قضاة ومستشارين ونظرتهم لباقي المجتمع. فلم تكن هي المرة الأولى التي يتعالى فيها مستشار على فئات أخرى.  فسبق وصَرًح المستشار محفوظ صابر، وزير العدل المصري الأسبق، في أحد المؤتمرات الانتخابية بالمنوفية، بتصريح أثار ضجة كبيرة أدت إلى إقالة الوزير من منصبه، حيث قال نصاً إن "من يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممَّن يُرفض تعيينهم، وستخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن تكون قوة في مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها، وابن عامل النظافة لا يمكن أن يكون قاضياً، ولا بد أن يكون من وسط راقٍ، وكتّر خير أبوه إنّه ربّاه وعلّمه".

الانتهاكات بعيون أخرى

واذا كانت السيدة تهاني عبرت عن نظرة ذاتية في تقديرها للانتهاكات فإن سائق التوك توك الغاضب عبر عن رؤية أوسع وانزعاج أكبر على حال الوطن.

تحدث السائق عن نقص مستلزمات المعيشة وفشل الادارة وتراجع مكانة البلاد، وطرح علامات استفهام عن السبب في ذلك دون تجريح لشخص بعينه.

وخلال ساعات، انتشر فيديو سائق التوك توك على مواقع التواصل الاجتماعي كما تسري النار في الهشيم. وبحلول عصر الخميس تمت مشاهدته 1.6 مليون مرة وحصل على 48 الف "لايك" أو اعجاب عبر إحدى صفحات الفيس بوك. ونظرا لحساسية القضايا التي أثارها السائق وتقاطعها مع مواجع الناس، شعرت القناة بالحرج ورفعت الفيديو من على صفحتها في علامة أخرى على تزايد سيطرة الصوت الواحد على المشهد الاعلامي المصري. كأنما المطلوب أن يذهب صوت سائق التوك توك وليبقى صوت السيدة تهاني.