أحدث الأخبار
قال مركز ستراتفور للأبحاث الاستراتيجية والأمنية إن هناك تناقض كبير في الأوضاع الداخلية والخارجية للنظام المصري، وإن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة ستزيد حدة المعارضة ولكنها لن تمثل تهديدا لتواجد الحكومة نفسها.
وأوضح المركز الأمريكي، في تقرير بعنوان "النظام المصري يأمل في أن تحقق إجراءات الإصلاح الاقتصادي فوائد تفوق المخاطر"، أن هناك تناقض في الحالة المصرية، حيث تواصل الدولة اعتمادها على المساعدات الخارجية، على الرغم من رغبتها في تبني سياسة خارجية أكثر استقلالية.
وفي الوقت الذي "يؤدي تزايد التهديدات الأمنية إلى تقويض الثقة في الحكومة، وزيادة الحاجة إلى الاستقرار الاقتصادي والمساعدات الاجتماعية، فإن الحكومة تقوم بإصلاحات تضعف من الاستقرار والدعم الاجتماعي"، كما يضيف التقرير.
ويقول مركز ستراتفور إن الجدل كبير حول تدابير الإصلاح الاقتصادي الطموحة في مصر، وإن صندوق النقد الدولي اعتبر الوضع المالي في مصر "لا يمكن الدفاع عنه"، وهو ما يستلزم تنفيذ المزيد من الإصلاحات المؤلمة.
فعلى القاهرة أن تخفض دعم الوقود، وترفع الضرائب وتخفض الإنفاق العام، وهي إجراءات لا تحظى بشعبية من جماعات المصالح الراسخة، أو من المواطنين العاديين الذين يعانون من ارتفاع معدلات الفقر.
لكن التقرير يوضح أنه "على الرغم من تزايد الضغوط الشعبية، فإن الحكومة لا تستطيع أن تدير ظهرها لبرنامج الإصلاح، حتى لا يتوقف التقدم المحرز حتى الآن".
وأكد التقرير أن غضب الجمهور سيتزايد، لكنه لن يُفرخ حركة احتجاج واسعة النطاق مثل تلك التي أسقطت الرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي.
"حتى لو خسر الرئيس عبد الفتاح السيسي البريق الذي كان لديه عندما تولى منصبه في عام 2014، فإن المصريين مازالوا يعتقدون أن حكومته، المدعومة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هي الخيار الأفضل لهم، لذلك فإن الإصلاحات سوف تمضي قدما، حتى إذا كانت غير شعبية، وغير فعالة أيضا".
وتسعى القاهرة للحصول على حزمة من المساعدات الدولية، وسيقدم لها صندوق النقد الدولي أكبر قرض في تاريخه لدولة من دول الشرق الأوسط، بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، مصحوبا بقروض من دائنين دوليين آخرين، بالتوازي مع خطة الإصلاح الاقتصادي المحلية.
وتخطط الحكومة لخفض عجز الموازنة في العام المالي 2016- 2017 إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان يتراوح ما بين 11 و13 في المئة خلال السنوات الماضية.
وتأمل القاهرة في أن يُقر صندوق النقد الدولي حزمة القرض في الشهرين المتبقيين من 2016، "وهو القرار الذي سيجعل 2017 سنة الإصلاح"، وفقا للتقرير.
المصريون يعتقدون أن حكومة السيسي المدعومة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هي الخيار الأفضل لهم، لذلك فإن الإصلاحات سوف تمضي قدما، حتى إذا كانت غير شعبية
آفاق كئيبة
أدى الاضطراب العام في مصر وما نتج عنه من عدم استقرار اقتصادي، إلى خلق بيئة لا تساعد على الاستثمار، كما يقول التقرير، ضاربا مثال "استيلاء السلطات في القاهرة على الأرز والسكر من مخازن مؤسسات خاصة لتوجيهه إلى سوق السلع المدعمة".
هذا بالإضافة إلى توجه الحكومة إلى وضع حدود قصوى للأسعار على السلع، ورغبتها في إملاء أسعار على منتجات القطاع الخاص، الأمر الذي "كدر" القطاع الخاص في الأسابيع الأخيرة، كما يشير التقرير.
"تصر القاهرة على أنه يجب اتخاذ تدابير مؤقتة لعلاج الظروف الاستثنائية في مصر، ولكن أصحاب الأعمال غير مقتنعين".
وقال التقرير إن مصر سوف تظل ضعيفة طالما ظلت مسببات الركود الاقتصادي قوية، مما يغذي حاجتها للعلاقات مع القوى الغربية ودول مجلس التعاون الخليجي، وسط حالة عدم الاستقرار الإقليمي.
وتُفضل القاهرة أن تكون حرة في اتخاذ قراراتها الخارجية، ولكن الأموال الخليجية تُرفق مع رؤى سياسة خارجية معينة، ومساعدات الولايات المتحدة تصحبها محاضرات عن حقوق الإنسان، وهذا الوضع لن يتغير في المستقبل القريب، كما يتوقع التقرير، كما ستواصل مصر جلب الحلفاء للحصول على قروض ومنح لدعم موقفها.
وبالنظر للملف الأمني، فهناك أسباب أكثر من أي وقت مضى لمحاولة إقناع المواطنين بتجاوز ألم الإصلاح الاقتصادي.
وتأمل القاهرة أن تمنع المنظمات المتشددة من تجنيد أعضاء جدد، وأن تحرم المؤسسات المعارضة من التغذي من حالة رفض المواطنين للسيسات الحكومية، بحسب التقرير، "فالحكومة المصرية تركز الآن على إسكات المعارضة أكثر من أي وقت مضى، سواء كانت علمانية أو إسلامية".
أما المصريون فقد أصيبوا بخيبة أمل من الاحتجاجات الجماعية، وتعول الحكومة على هذا الوضع الذي يمنحها بعض الوقت لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، كما يرى مركز ستراتفور.