أحدث الأخبار
خاض الجنيه المصري رحلة هبوط ارتبطت بأحوال الاقتصاد المصري وارتباطاته الخارجية، وعكست قوته في مواجهة عملات العالم، حيث بدأ رحلته أعلى من الجنيه الاسترليني والدينار الكويتي، ووصل فيها بعد آخر تخفيض له لمستوى أقل من الروبية المستخدمة في جزر سيشل.
ويلقي خبر منشور في عام 1977 الضوء على جزء من رحلة الجنيه في مصر قبل 40 عاما، والذي يقول "فى ضوء نمو النشاط الاقتصادي عقب تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي، أصدر البنك المركزي المصري فئة نقدية كبيرة هي 20 جنيه"، حين قررت الدولة تلبية حاجة المواطنين "لأول مرة" إلى ورقة نقدية من فئة "20 جنيه"، وكان ذلك قبل سنوات من ظهور ورقة من فئة 50 جنيها وأخرى 100 جنيه وصولا إلى ورقة قيمتها 200 جنيه.
رحلة الجنيه بدأت مع صدور مرسوم في 1914 باستخدامه كوحدة أساسية للعملة، وكان يصدر وقتها عن البنك الأهلي.
وفي عام 1960 صدر قانون إنشاء البنك المركزي المصري وتم منحه حق إصدار أوراق النقد المصرية، وهو التاريخ الذي تعود إليه أقدم البيانات المتاحة في قاعدة بيانات البنك الدولي عن العملة المصرية.
وفي عام 1960 كان الجنيه ضمن أعلى عملات العالم قيمة، وكانت قيمته توازي تقريبا 3 دولارات، وكان متفوقا في قيمته على الجنيه الاسترليني وما يرتبط به من عملات، مثل الدينار الكويتي، الذي أصبح أغلى عملة في العالم الآن.
في عام 1963 تم تخفيض الجنيه، ليصبح سعر صرفه حوالي 2.3 دولار (أي أن الدولار صار يساوي 43 قرشا)، ليقارب قيمة الريال العماني في ذلك الوقت، بينما أصبح الريال العماني يساوي الآن 35 جنيها مصريا.
وظل سعر صرف الجنيه مستقرا لنحو عشر سنوات حتى قيام حرب أكتوبر 1973، حيث تم رفع قيمة الجنيه ليساوي الدولار 38 قرشا، ثم انخفض قليلا إلى 39 قرشا، حتى عام 1978، وكان وقتها يقارب قيمة الدينار البحريني، كما ظل حتى ذلك الوقت أعلى قليلا من الجنيه الاسترليني.
وفي عام 1979 ومع سياسات الانفتاح تم تخفيض قيمة الجنيه، ليصل الدولار إلى 70 قرشا، وخسرت العملة المصرية قرابة نصف قيمتها تقريبا في ذلك الوقت، وتراجعت لأول أمام الجنيه الاسترليني، ولكن ظل الفارق واضحا بينها وبين الدولار الأمريكي والكندي والفرنك السويسري.
ظل سعر الصرف مستقرا حتى مطلع التسعينات من القرن الماضي، ومع بدء خطط الإصلاح الاقتصادي تم تخفيض الجنيه، ووصل سعر الدولار إلى 1.5 جنيه في 1990.
ثم قفز الدولار إلى 3.14 جنيه في عام 1991، وتراجعت قيمة الجنيه تدريجيا حتى استقر سعره عند 3.39 جنيه للدولار ما بين عامي 1994 و1998. في نهاية تلك الفترة أصبحت العملة المصرية أعلى بقليل من العملات الخليجية مثل الريال السعودي والقطري والدرهم الإماراتي.
وتراجعت قيمة الجنيه تدريجيا لتتجاوز حاجز 4 جنيهات للدولار الواحد في عام 2002، ثم انهارت مع قرار التعويم في 2003 إلى أعلى من 7 جنيهات، قبل أن تسترد قدراً من قوتها وتستقر عند 5.85 جنيه.
في هذه المرحلة انخفض الجنيه لأول مرة عن العملات الخليجية الرئيسية مثل الريال السعودي.
وانخفض سعر الصرف خلال السنوات التالية إلى 6.06 جنيه للدولار، قبل أن يرتفع إلى 5.43 جنيه، ويتذبذب صعودا وهبوطا إلى مستوى 5.9 جنيه للدولار عند قيام ثورة يناير، ليبدأ بعدها سلسلة من التراجع المتسارع وصولا لقرار تعويمه اليوم.
ومر الجنيه بعد الثورة بمحطات من التخفيض أمام الدولار، إلى مستويات 6.1 جنيه، ثم 7.1 جنيه، حتى وصل إلى 7.7 جنيه في 2015، لتصبح قيمته أقل من الكورونا الدانماركية ودولار هونج كونج، والبوليفار الفنزويلي، ودولار جزر سليمان.
وفي مارس 2016 انخفض السعر الرسمي لصرف الجنيه أمام الدولار في البنوك إلى 8.88 جنيه، لينخفض لمستويات أدنى من الكورونا النرويجية والسويدية.
أما بعد قرار التخفيض الأخير لسعر الصرف، الصادر صباح اليوم، إلى مستوى 13 جنيها للدولار الواحد لدى البنك المركزي، فقد صارت قيمة الجنيه في مقاربة للراند الجنوب أفريقي، بينما أصبحت أقل قليلا من الروبية السيشلية.