أحدث الأخبار
كسرت النساء القيود المجتمعية واتجهن للإنتاج السينمائي وغيرن مجرى البطولة النسائية ونوعية الأفلام التي تقدمها المرأة، بمغامرة جريئة من الفنانة عزيزة أمير بدأت في أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن الماضي.
كانت البداية عام 1927 من خلال فيلم "ليلى" الذي أنتجته عزيزة أمير وهو أول فيلم درامي مصري، وقال الناقد السينمائي أسامة عبد الفتاح إن النساء سبقت الرجال في صناعة السينما وكان لديهن الشجاعة أكثر من الرجال على التحرك والمغامرة.
وأضاف أن المرأة تفوقت مع بدايات السينما في مصر في مجالي الإنتاج والإخراج، وأوضح أن أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات شهدت السينما أفلاما تؤكد ريادتهن في الإنتاج والإخراج.
وتابع "هيمنت النساء على السينما في السنوات الثلاثين الأولى من عمرها، حيث مثلت عزيزة أمير 22 فيلما، أنتجت أربعة منها، وكتبت ستة، وأخرجت اثنين، ولقبت بـ "أُمّ السينما المصرية".
العصر الذهبي للسينما
وفي نفس الفترة ظهرت الممثلة والمنتجة والمخرجة أمينة محمد، خالة الفنانة أمينة رزق، وآسيا داغر صاحبة سابع فيلم في تاريخ السينما المصرية، والمنتجة والممثلة والموسيقية والمؤلفة والمخرجة بهيجة حافظ، وماري كويني التي تفردت بالعمل كـ"مركبة أفلام" في الأربعينيات، والممثلة فاطمة رشدي التي مثلت 15 فيلما وأنتجت مجموعة أخرى.
واعتبرت آسيا رائدة الإنتاج السينمائي القوي، لما تميزت به أفلامها من تنوع في اختيار النجوم والقصص، ومثلت آسيا 14 فيلما قبل اعتزالها التمثيل عام 1946 لتتفرغ للإنتاج، وكان لها النصيب الأكبر كمنتجة حيث أنتجت 49 فيلما، وأصبح الكثير منها علامات بارزة في تاريخ السينما العربية مثل "رد قلبي"، و"الناصر صلاح الدين".
نهاية الأربعينيات
ومع نهاية الأربعينيات دخلت عالم الإنتاج وبقوة الفنانة مديحة يسري، لتضع بصمتها كممثلة ومنتجة لأفلام كثيرة بعضها من أشهر كلاسيكيات السينما المصرية.
أنتجت مديحة يسري 18 فيلما حيث أثمر زواجها الأول من المطرب محمد أمين عن تأسيسهما لشركة إنتاج سينمائي، ومن أشهر الأعمال التي قاما بإنتاجها "الأفوكاتو مديحة"، و"أرض الأحلام"، و"إني راحلة"، و"اعترافات زوجة"، و"سكون العاصفة"، و"صغيرة على الحب"، و"دلال المصرية".
وتقول د.ماجدة موريس، الناقدة الفنية، إن دخول مديحة يسري والفناة ماجدة مجال الإنتاج، كان بهدف تغيير نوعية الأدوار التي تقدمها المرأة في السينما، وتغيير الشكل النمطي للبطولة النسائية آنذاك.
وتضيف "بالفعل قدروا يقدموا نوعية أدوار مختلفة منها الأفوكاتو مديحة وإني راحلة والمراهقات وجميلة وغيرهم كتير".
فترة الخمسينيات
وفي الخمسينيات أسست ماجدة الصباحي شركة ماجدة للإنتاج، حيث أنتجت العديد من الأفلام المهمة مثل "أين عمري"، و"جميلة"، و"أنف وثلاث عيون" لإحسان عبد القدوس و"الرجل الذي فقد ظله".
وكان فيلم "جميلة" من الأفلام التي حققت نجاحا لم يكن أحد يتوقعه. وفي عام 1978 قررت إنتاج أفلام عن حرب الاستنزاف ونصر أكتوب منها فيلم "العمر لحظة" بطوله أحمد زكي وناهد شريف، للمخرج محمد راضي ونجح الفيلم على مستوى النقاد وكرمها الرئيس الراحل أنور السادات لقيامها بإنتاجه والتمثيل فيه، إلا أن الفيلم لم يشهد إقبالا جماهيريا وخسرت ماجدة في هذا الفيلم ما يقرب من مليون جنيه وهو مبلغ كبير وقتها ما دفعها إلى التوقف عن الإنتاج.
وقامت مريم فخر الدين بإنتاج وبطولة ثلاثة أفلام هي "رنة خلخال" عام 1955 و"رحلة غرامية" و"أنا وقلبي" عام 1957.
ويقول الناقد السينمائي، زين العابدين خيري، "ماجدة الوحيدة في مصر التي أنتجت على نفقتها الشخصية أفلاماً وطنية ودينية لدرجة أنها خسرت كل أموالها وأشهرت إفلاسها وأصبحت مدينة للبنوك"، وأشار إلى أنها أيضا أنتجت أربعة أفلام دينية.
وأضاف "بجانب أهميتها كمنتجة استغلت ده لعمل بطولات لنفسها بعد ما بدأت الأضواء تنحسر عنها في السينما بعد ظهور نجمات جدد زي سعاد حسني ثم جيل السبعينات نبيلة عبيد وسهير رمزي نجلاء فتحي وميرفت أمين". وقال "لكن فضلت أفلام ماجدة بتتميز بقيمة أعلى من حيث النصوص الأدبية، وعملها مع مخرجين كبار".
فترة السبعينيات
وفي السبعينيات برزت موهبة ماجدة الخطيب في السينما وبلغ عدد الأفلام التي قدمتها 70 فيلماً منها "قنديل أم هاشم" و"ثرثرة فوق النيل" و"العوامة 70" و"حدوتة مصرية" و"قصر الشوق"، ودخلت عالم الإنتاج بفيلمها الذي مُنع من العرض مدة طويلة وهو "زائر الفجر".
ومنع الفيلم من العرض للإسقاطات السياسية التي قدمها ما أصاب منتجته ماجدة الخطيب بالإحباط.
منتصف الثمانينيات
ومع منتصف الثمانينيات كونت شهيرة وزوجها الفنان محمود يس شركة سينمائية أنتجت أفلاماً قامت ببطولتها ومنها فيلم "نواعم".
وفي نفس الفترة أنتجت نبيلة عبيد، حيث قدمت مجموعة أفلام مهمة عن قصص الكاتب إحسان عبد القدوس ومنها و"الراقصة والسياسي"، و"الراقصة والطبال"، و"أرجوك أعطني هذا الدواء".
وكانت أهم مراحلها حين أنتجت لنفسها بعض أفلامها ومنها "وسقطت في بحر العسل" و"أيام في الحلال".
فترة التسعينيات
وفي التسعينيات بدأت تجربة إيناس الدغيدي في مجال الإنتاج السينمائي حيث أنتجت 7 أفلام روائية على مدار 20 عاما هي "استاكوزا، ودانتيلا، والوردة الحمراء، وكلام الليل، ومذكرات مراهقة، والباحثات عن الحرية، وما تيجي نرقص" وجميعها من إخراجها.
كما كان لليلى علوي تجربة انتاج وحيدة في فيلم "يا مهلبية يا" عام 1991 من بطولتها.
ويرى زين العابدين خيري، أن إيناس الدغيدي كانت تهتم بالبطولة النسائية، وقدمت نوعية أفلام جريئة تناقش قضايا غير معتادة في السينما في هذا الوقت.
ويؤكد خيري أن هذه التجارب الإنتاجية معظمها يصب في مصلحة البطولة النسائية التي ازدهرت جدا في فترة التسعينيات.
منتجات الألفية الجديدة
وفي 2009 قدمت إلهام شاهين من إنتاجها وبطولتها فيلم "خلطة فوزية" وكانت تدور قصته حول امرأة فقيرة ولكنها تملك خلطة سرية للنجاح في حياتها، وتتزوج أكثر من مرة وتربي أولادها جميعا في منزلها الصغير، وحصل الفيلم على عدة جوائز.
واقتحمت الفنانة إسعاد يونس مجال الإنتاج الفني من خلال تأسيس "الشركة العربية للإنتاج السينمائي" التي تتولى رئاسة مجلس إدارتها، والتي قامت من خلالها بإنتاج العديد من الأعمال الفنية منها "بنتين من مصر"، و"عصافير النيل"، و"ولد وبنت"، و"رسائل البحر"، و"زهايمر"، و"أمير البحار"، و"ادرينالين"، و"أعز أصحاب"، و"واحد من الناس".
وتوضح الناقدة الفنية، ماجدة موريس، أن المنتجات النساء غيرن صورة المرأة في السينما وأنتجن أدوارا للمرأة تحمل نوعا من الوعي، وغيرت الصورة التقليدية لها في السينما.
وترى أن المنتجات النساء قدمن خدمة كبيرة للسينما وساعدن على استمرار الإنتاج السينمائي، قائلة: "لولاهم مكانتش السينما استمرت".