أحدث الأخبار
"حد يخاف من الموت يا دكتور.. ده اللي يخاف منيه يبقى تعبان، كيف تخاف من خواف؟"، لم يعلم ساحر السينما العربية أن كلام "أبو هيبة" في مسلسل "جبل الحلال"، سيتحقق بعد فترة قصيرة من مرضه، ليأتي "الموت الخواف متخفيا"، ويطفئ نجما ساطعا ناقشت أعماله عدة قضايا تخص المرأة، مستخدما براعته في الجمع بين الجد والهزل لتقديم المشكلات النسوية بأسلوب غير تقليدي يساعد المشاهد على فهم القضية وترسيخها في ذهنه.
فأعماله السينمائية كالشقة من حق الزوجة، سيداتي آنساتي، السادة الرجال، العذراء والشعر الأبيض، وبيت القاصرات من أشهر الأفلام المصرية التي تناولت حقوق المرأة وأبرزت الذكورية في المجتمع وقهره للمرأة فضلا عن تقديم جانب خاص من تركيبة شخصية المرأة والفتاة.
قالت الناقدة ماجدة موريس لأصوات مصرية إن محمود عبد العزيز قدم قضايا المرأة "بفهم عميق" وعرضت أفلامه القضايا المسكوت عنها والتي طالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة داخل المنزل وفي العمل.
وأضافت "أهم المراحل في حياته هي المرحلة اللي كان فيها نجم أفلام رأفت الميهي، وجزء مهم من شخصيته أنه مزج بين الجد والهزل".
واشترك المخرج رأفت الميهي ومحمود عبد العزيز في تقديم ذكورية المجتمع وأزمات الزواج من خلال فيلمين "السادة الرجال" و"سيداتي آنساتي".
فتناول فيلم "السادة الرجال" أبعاد العلاقة بين الرجل والمرأة من منظور اجتماعي ونفسي في إطار كوميدي ساخر منتقدا لواقع مجتمع الرجال المرتبطين بالمفاهيم الأسرية القديمة المتعجرفة. فالزوجة ينهاها زوجها عن تجاوز حدودها كامرأة ويصر على أن الرجل هو صاحب الأمر والنهي في الحياة الأسرية وفي المجتمع بأسره، لتثور الزوجة على المجتمع الذكوري وتتحول إلى رجل لأخذ حقوقها.
أما فيلم "سيداتي آنساتي"، فهو توليفة كوميدية جمعت بين أزمة الإسكان والأزمة الاقتصادية وأجور الأطباء المنخفضة وتأخر زواج الفتيات.
وفي الفيلم يتقدم محمود عبد العزيز، الحاصل على دكتوراه، للعمل كساع لزيادة أجره، وتقرر أربع فتيات تأخر سن زواجهن أن يتزوجن منه في آن واحد للتغلب على أزمة السكن بشرط بقاء العصمة في أيديهن.
وقال الناقد رامي المتولي إن أفلام محمود عبد العزيز التي تناولت قضايا المرأة اختلفت عن مثيلاتها في السينما المصرية، حيث لم تكن قضايا المرأة "بمعزل عن العالم" بل ألحقت بقضايا المرأة قضايا أخرى كالتضخم الاقتصادي وأزمات البطالة ونقص الأجور.
الشقة من حق الزوجة
من أشهر الأفلام التي شهدتها السينما المصرية عن أزمة السكن وأعباء المعيشة. وأتقن الراحلان محمود عبد العزيز ومعالي زايد تقديم لقطات من حياة المتزوجين بمشكلاتهم وصراعاتهم اليومية.
وتبدأ أحداث الفيلم بقصة حب بين محمود عبد العزيز ومعالي زايد أعقبها زواج مزقته المشاكل المادية بعد ولادة أول طفلة، بسبب انشغال الزوج في العمل كسائق تاكسي لتلبية حاجة أسرته وشعور الزوجة بالملل، فتطلب الطلاق خضوعا منها لرغبة والدتها، ويتم الطلاق عفويا ويبدأ النزاع حول ملكية الشقة في أحداث طريفة.
جوانب من شخصية المرأة
عرض فيلم "العذراء والشعر الأبيض" جانبا من شخصية المرأة التي لم يشأ لها القدر أن تنجب وإصرارها على أن تصبح أما فتتبنى طفلة صغيرة من ملجأ للأيتام وتدللها وتلبي كل رغباتها مما أدى إلى إفسادها. كما ركز الفيلم على تناول شخصية الفتاة المدللة خاصة خلال سن المراهقة حيث تقع في حب أبيها وترقص وتلهو مع الشباب غير مكترثة بسمعة عائلتها.
بيت القاصرات
قدم الفيلم مشاكل القاصرات بشكل معبر غير مبتذل من خلال نماذج إنسانية بائسة بعضها ضائع وبعضها يائس والبعض الآخر مستسلم. ويروي الفيلم قصة البنت الفقيرة التي دافعت عن عذريتها وشرفها وهي في الشارع والمفارقة أنها فقدتهما عندما دخلت إصلاحية الأحداث.
وأشار الفيلم بشكل مقنع إلى أزمة سيارات الأجرة في مشاهد تلقائية اتسمت بخفة الظل، مستغلاً كون بطله - محمود عبد العزيز- سائق أجرة.
وحاز الفيلم على الجائزة الأولى في مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1984.
ولد محمود عبد العزيز في 4 يونيو عام 1946 لأسرة متوسطة ونشأ في حي الورديان بالإسكندرية وتخرج من كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية وهناك بدأ ممارسة هواية التمثيل في مسرح الجامعة.
حقق المبدع محمود عبد العزيز تاريخا حافلا من الأعمال المحفورة في ذاكرة السينما، حيث قدم ما يقرب من 84 فيلما، أبرزها "العار"، "الساحر"، "وكالة البلح"، العذراء والشعر الأبيض"، "الصعاليك"، "البريء"، "سوق المتعة"، "النمس"، "الساحر"، "إبراهيم الأبيض"، فضلا عن أعماله التليفزيونية، التي بدأها بـ"الدوامة" مرورا بـ"البشاير" و"رأفت الهجان"، "محمود المصري"، "باب الخلق"، و"جبل الحلال"، وآخرها كان مسلسل "رأس الغول" في رمضان الماضي.
رحل "المزاجنجي" بعد 43 عاما هو عمره الفني، عاشهم محمود عبد العزيز ليتعكر "كيف" جمهوره الذي سحره بفنه الهادف، حتى آخر لحظات حياته التي قضاها داخل غرفة في أحد المستشفيات يصارع مرضه بهدوء، حتى وافته المنية مساء أمس السبت، ليفارق عالمنا عن عمر يناهز 70 عاما.