أحدث الأخبار
العديد من مواقف البرلمان المصري ونوابه قد يحار صاحب العقل في تفسيرها، وصدر أحدثها من النائبين راشد ابو العيون وأبو المعاطي مصطفى. وربما لا يجد المرء أمامه سوى قول إنه برلمان "بدون كتالوج" يمكن الاستعانة به لفهم تلك الأفعال.
أول المشاهد الكوميدية لنائب أعطى الهاتف لأخيه يتحدث بدلا عنه في مداخلة على التلفزيون، وثانيها لصاحب تصريح "لو كان نجيب محفوظ بيننا الآن، لتمت محاكمته"، ويعود السيناريو للوراء حين طالب أحد نواب المجلس بكشوف عذرية للطالبات كشرط لالتحاقهن بالجامعة، وتصل الكوميديا أعلى نقطة لها بإعلان طعن برلمان مصر على حكم قضائي مصري يقول إن جزيرتين في البحر الأحمر ملك لمصر.
المشهد الأول: انتحال
"هل أرسل رئيس البرلمان علي عبد العال خطابا لوزير الداخلية يوصيه بأبناء وأقارب النواب المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة؟"، سؤال طرحه المذيع المصري معتز الدمرداش، ضمن حلقة الأحد الماضي لبرنامجه 90 دقيقة المُذاع على فضائية مصرية خاصة.
وللإجابة على التساؤل أجرى المذيع، على الهواء مباشرة، اتصالا هاتفيا بالنائب راشد أبو العيون. ولأكثر من دقيقة أجاب الأخير بالنفي على السؤال، حتى قاطعه الدمرداش ليستقبل اتصالا هاتفيا آخر من صحفي في أسيوط، والذي بدوره فاجأ المذيع وضيوفه والمشاهدين أن من يتحدث إليهم باعتباره النائب راشد هو شقيقه إبراهيم أبو العيون.
وعليه سأل الدمرداش ضيفه الذي كان لا يزال على الهاتف، "أنا معايا الأستاذ إبراهيم ولا الأستاذ راشد"، ليجيبه صوت مغاير للصوت الذي تحدث إليه في البداية، "أنا راشد أبو العيون".
عاد وسأله المذيع: "لقد قدمتك باعتبارك النائب راشد، لماذا أجابني أخوك إبراهيم"، فأجاب النائب متجاهلا التغير الواضح بين صوته وصوت المتحدث في أول المكالمة: "من قال ذلك؟"، وأقسمَ "راشد أبو العيون اللي معاك من البداية".
وفي مشهد كوميدي بجدارة، طلب الدمرداش من راشد أن يعطي الهاتف لإبراهيم، فأجاب "أجيبه منين دلوقتي"، رغم أنه سبق وأوضح في المكالمة ذاتها إنه برفقة أخيه في أحد المستشفيات.
المشهد الثاني: خدش حياء
"لو كان نجيب محفوظ بيننا الآن، لتمت محاكمته"، ما بين المزدوجين للنائب أبو المعاطي مصطفى، خلال اجتماع لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان، الاثنين الماضي، لمناقشة مشروع قانون بإلغاء عقوبة الحبس بتهمة "خدش الحياء" في قضايا النشر واستبدالها بالغرامة.
وتهمة الأديب الراحل، والمصري الوحيد الحاصل على جائزة نوبل العالمية في الأدب، هي أن رواياته خادشة للحياء، بالطبع في نظر نائب البرلمان.
وهو البرلمان الذي صوتت لجنته التشريعية بالأغلبية، في الجلسة ذاتها، على رفض مشروع القانون بواقع 21 صوتا مقابل موافقة 6 أعضاء.
المشهد الثالث: كشوف عذرية
نعود شهرين للوراء، أو كما يقول أهل السينما "فلاش باك"، لنتذكر مطالبة النائب إلهامي عجينة أواخر سبتمبر الماضي بتوقيع الكشف الطبي على طالبات الجامعات بشكل دوري، للقضاء على ظاهرة الزواج العرفي في البلاد.
قال عجينة وقتها: " أي بنت تدخل الجامعة لازم نوقع عليها الكشف الطبي لإثبات أنها آنسة، وكذلك ينبغي أن تقدم كل بنت مستندا رسميا عند تقدمها للجامعة يثبت أنها آنسة، للقضاء على ظاهرة انتشار الزواج العرفي في مصر".
المشهر الرابع: ليستا ملكا لنا
أن يتبرأ المرء من ملكية شيء ربى أبناءه على أنه يخصهم فمن المؤكد أنه أمر ليس محببا، أما أن يتبرأ البرلمان المصري من ملكية جزيرتين -كانتا حتى مطلع العام الجاري ملكية خالصة لمصر حتى وقع الرئيس عبدالفتاح السيسي اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية- فهذا قد يصل إلى كونه عكس قوانين الطبيعة.
ورغم أن القضاء المصري قضى ببطلان الاتفاقية وما ترتب عليها، في قرار وصفه مراقبون بالتاريخي، اعلن البرلمان ضم صوته لصوت الحكومة المصرية وتقديم طعن على حكم المحكمة.
وإذا كانت الكوميديا واضحة، فهل يحتاج السواد لإيضاح؟.