أحدث الأخبار
سألت إيناس حسان، منذ ما يقرب من شهر، عن سعر بعض السلع المعمرة رغبةً في شرائها لابنتها التي تستعد للزواج، فكانت أسعارها في متناول يدها، لكنها فوجئت عندما ذهبت للشراء فعليا بارتفاع الأسعار بنسبة لا تقل عن الثُلث عما كانت عليه من قبل.
تقول إيناس، "لما رحنا نشتري لقينا الأسعار غليت جدا عن ما كنا سائلين بنسبة مش أقل من تلت الثمن.. سألنا عن نوع من التلاجات لقيناه بحوالي 6700جنيه، ولما رحنا نشتريه بعدها بشهر لقيناه وصل 9 آلاف جنيه".
وتضيف "الغسالة كانت بحوالي 5 آلاف جنيه، اشتريناها بسعر 7500 جنيه، يعني زادت النص خلال الفترة دي".
تكلفت إيناس نحو 38 ألف جنيه لشراء بعض الأجهزة الكهربائية اللازمة لزواج ابنتها، وتقول "كنت مضطرة اشتري لأن الفرح قرب جدا".
وارتفع معدل زيادة أسعار المستهلكين (التضخم) الشهري في أسعار الأجهزة المنزلية بنسبة 12.8% في نوفمبر مقارنة بأكتوبر الماضيين، كما ارتفع المعدل على أساس سنوي بنسبة 32.8%، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
التعويم والقيمة المضافة
يقول أحمد فهمي، تاجر بشارع عبد العزيز، لأصوات مصرية إن "الأسعار ولعت من بعد تعويم الجنيه بنسب لا تقل عن 50%، ده غير إنها غليت قبلها علشان قانون القيمة المضافة".
يضيف فهمي أن القرار الذي اتخذه اتحاد الغرف التجارية بوقف الاستيراد لمدة 3 شهور بعد التعويم ساهم في رفع الأسعار أكثر، "المستوردون الكبار بيخبو البضاعة إللي عندهم، علشان تشح ويبيعوها بسعر أعلى".
بائع بشارع عبد العزيز: "الزباين بتيجي تسأل وتمشي وما أشوفهاش تاني، وإللي بيشتري بس اللي بيكون مضطر"
وكان البنك المركزي قد أعلن في نوفمبر الماضي عن تعويم الجنيه، وترك سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب دون تدخل منه.
وارتفع سعر الدولار من مستوى 13 جنيها يوم التعويم، إلى ما يدور حول 19 جنيها خلال الأيام الأخيرة من العام، بعدما كان يبلغ سعره الرسمي في البنوك قبل التعويم 8.88 جنيه.
وبدأت الحكومة خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر الماضي في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، التي تؤدي بالضرورة إلى رفع الأسعار بنفس نسبة الضريبة، وحدد القانون الجديد ضريبة نسبتها 13%.
يدافع فهمي عن لجوء التجار لرفع أسعار بضاعتهم سريعا بعد التعويم رغم أنهم لم يكونوا قد اشتروا بضاعتهم بالسعر الجديد بعد التعويم ويقول "ده طبيعي، أنا ببيع مثلا تلاجة بألف جنيه وسعرها بقي ألف ونص، لازم أبيعها بالسعر الجديد علشان لما آجي أشتري بضاعة ألاقي فلوس اشتري بيها تاني".
بدا شارع عبد العزيز، الشارع الأشهر في وسط القاهرة لبيع السلع المعمرة، خاليا خلال جولة لأصوات مصرية، محال كثيرة مليئة بالأجهزة والبضائع، وزبائن يأتون ليسألوا عن الأسعار ثم يذهبون بدون رجعة.
"الزباين بتيجي تسأل وتمشي وما أشوفهاش تاني، وإللي بيشتري بس اللي بيكون مضطر"، كما يقول فهمي، ورغم ذلك يتوقع الأسوأ "إحنا لسه ما شوفناش حاجة، الركود لسه جاي".
مواطنة: "الغسالة كانت بحوالي 5 آلاف جنيه، اشتريناها بسعر 7500 جنيه، يعني زادت النص خلال الفترة دي".
ولا يستطيع التاجر التكهن بمستقبل الأسعار، فيقول "هو في حد عارف مستقبله أيه في مصر".
بورصة الدولار
لكن محمد السيد، بائع بشارع عبد العزيز، يقول إن الأمر مرتبط بسعر الدولار "لو سعر الدولار قل السنة الجاية هتقل الأسعار ومش هيبقي في مشكلة".
وتستورد مصر أغلب الأجهز الكهربائية من الخارج، كما يوضح السيد، "وحتى ما يتم تجميعه هنا، أجزاءه مستوردة من الخارج".
ويضيف البائع أن "التعويم خلانا زي البورصة كل يوم بسعر، وبقينا مرتبطين بالسعر اليومي للدولار وتحديدا في الجمارك".
وتحدد مصلحة الجمارك، قيمة البضائع الواردة والجمارك المقدرة عليها من خلال الدولار الجمركي، ويرتبط سعر صرفه بالأسعار التي ترد في نشرة البنك المركزي للمصلحة يوميا.
ويطالب المستوردون منذ تعويم الجنيه بتثبيت سعر الدولار الجمركي لتسهيل عملية احتساب قيمة الواردات والجمارك عليها.
يشرح محمد السيد أن الشركات الكبيرة المسيطرة على التصنيع وعلى الاستيراد تمارس الاحتكار بحجة ارتفاع سعر الدولار وتمنع عن التجار الصغار البضاعة.
لكن "لو الدولار سعره قل السنة الجاية هنشوف كلام غير ده"، كما يؤكد البائع.
وكان تقرير لبنك استثمار أرقام كابيتال قد توقع أن يتراجع سعر الدولار مع بداية العام الجديد 2017 إلى ما بين 12 و13 جنيها، مع تزايد التدفقات من السوق السوداء إلى النظام المصرفي الرسمي، وضخ المستثمرين الأجانب للسيولة الدولارية عبر شراء الأوراق المالية المصرية.
المُصَنِع خاسر
ويؤكد حمدي عبد العزيز، رئيس غرفة الصناعات الهندسية السابق، على استمرار ارتباط أسعار السلع العملرة بالدولار، ويقول إن "المكونات الأجنبية التي تدخل في صناعة هذه الأجهزة تستورد من الخارج، وارتفاع سعر الدولار رفع أسعارها بشكل كبير".
"فمثلا لو صنعنا تكييف في مصر نستورد المحرك والمروحة وبعض الأسلاك النحاسية، وكلها مواد ارتفع سعرها بعد تعويم الجنيه"، كما يوضح عبد العزيز، ويضيف أن "المُصَنِع إللي بيرفع السعر مش كسبان حاجة، هو بيحافظ بس على رأس المال لأن الأسعار ارتفعت غصب عنه".
يتوقع عبد العزيز أن ترتفع أسعار السلع طالما ارتفع سعر الدولار العام المقبل، ويقول "لو فضل الدولار يطلع أسعار السلع هتطلع لو نزل هتنزل".
بائع: "هو في حد عارف مستقبله أيه في مصر".
ارتفاعات جديدة منتظرة
وتتوقع رضوى سويفي، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، مزيدا من ارتفاع أسعار السلع المعمرة خلال العام المقبل.
وتقول لأصوات مصرية إن "الشركات المصنعة أو المستوردة اتبعت سياسة رفع الأسعار بشكل تدريجي بعد التعويم، رغم أن هذه الزيادات لم تساو الارتفاعات التي شهدتها المواد الخام أو البضائع المستوردة".
وتضيف "الشركات ستلجأ لرفع الأسعار مرة أخرى، حتى تحافظ على هامش الربح الخاص بها"، متوقعة أن يتسبب رفع الأسعار مجددا في 2017، في التأثير سلبا على حجم المبيعات.
وتقول رئيس قسم البحوث إنه "من الطبيعي عندما ترتفع الأسعار ألا يقدم أحد على الشراء، خاصة وأن السلع المعمرة يمكن الاستغناء عنها لبعض الوقت، وهي ليست سلعا ملحة مثل الأكل أو الشرب".