أحدث الأخبار
انتقد متخصصون ما أعلنه وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني، من طرح نماذج امتحانات الثانوية العامة الجديدة بـ نظام "بوكليت"، للتغلب على ظاهرة تسريب الامتحانات، مؤكدين على أن النظام الجديد إهدار للمال العام، وتكلفة تزيد من أعباء الدولة دون حل أزمة التسريبات، واتهام صريح للطالب والمجتمع بالغش والفساد.
ومن المقرر وفقاً لما أعلنه الدكتور الهلالي الشربيني الأربعاء الماضي، تطبيق نظام امتحانات الثانوية العامة الجديد "البوكليت" هذا العام 2017 على طلاب الثانوية العامة، وهو نظام فيه تكون الإجابات في نفس كراسة الأسئلة.
وحسبما أوضح الشربيني أنه تم إعداد نماذج امتحانات الثانوية العامة الجديدة بنظام البوكليت على أن يتم طرحها علي موقع وزارة التربية والتعليم رسمياً خلال شهر يناير الحالي لتدريب الطلاب على شكل الامتحانات الجديدة، على أن يكون 60 % من الأسئلة اختيارات و صح وخطأ، و باقي الأسئلة بالشكل المعتاد عليه حسب كل مادة.
وشهدت امتحانات الثانوية الأزهرية والعامة لعام 2016 غشا جماعيا وتسريب ورق الأسئلة من خلال صفحات انتشرت على السوشيال ميديا كصفحة "شاومينج" لتكشف عن أزمة في منظومة التعليم بمختلف جوانبها.
واتهمت وزارة التربية والتعليم ونواب بالبرلمان المصري "جماعة الإخوان المسلمين وأهل الشر" بالمسؤولية عن التسريبات، مؤكدين أن ذلك يأتي في إطار "تعرض مصر لمخطط دولي". واتخذت الدولة إجراءات لمنع ظاهرة الغش الإلكتروني، إلا أنها لم تحل الأزمة ما تسبب في تدخل جهات سيادية لطبع الامتحانات بعد مظاهرات طلابية سيطر عليها الأمن.
شاومينج باقية
قالت بثينة كشك مدير عام مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، إنه لا جدوى من نظام البوكليت الذي أقرته الوزارة كحل لمنع تسريب الامتحانات، وأضافت أنه سيتسبب في إهدار المال العام، لما يستلزمه البوكليت من أموال طائلة تتكبدها الدولة دون حل الأزمة والتخلص منها.
وأكدت بثينة كشك والحاصلة على الدكتوراة في أصول التربية، على أن المشكلة الحقيقية المتسببة في ظاهرة الغش هي المناهج وآليات سير العملية التعليمية، ولا يكمن الحل في تغيير الامتحانات دون المناهج والسياسة التعليمية مثلما فعلت الوزارة، وكان من المفترض تدريب الطلاب والمعلمين لمدة عامين على النظام الجديد قبل تنفيذه، مضيفة "الدولة تخلق طلابا عبارة عن قنابل موقوتة بسبب نظامها التعليمي".
واقترحت مدير عام مديرية التربية والتعليم بالقاهرة لإصلاح المنظومة التعليمية أمورا عدة متمثلة في الإهتمام بمواهب الطلاب وتنميتها ووضع نسبة مئوية من الدرجات عليها ولتكن 10%، على أن لا تتعدى النسبة المئوية للامتحانات النظرية على 60%.
وقالت "يمكن للوزارة فرض مشروع ما على كل طالب يختاره بنفسه وفقاً لموهبته وما يرغب في تقديمه للمجتمع، سواء بالمشاركة في تزيين ميدان عام بالرسم، أو للمساعدة في دار أيتام وغيرها، بحيث لا تعتمد شخصية الطالب على الحفظ والتلقين، وألا يتم حصر مستقبله في ورقة يمتحن فيها، مما يساهم في إفشال عقلية الطالب وتفاقم أزمة الغش وتسريب الامتحانات".
حلول غير مجدية
وانتقد كمال مغيث الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، الخطة التي طرحتها وزارة التربية والتعليم واصفاً إياها بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع. وقال مغيث إن التعليم بمصر وصل إلى حدود غير مسبوقة من التدهور بالنسبة لمهارة الطلاب والعملية التعليمية كلها، ويؤكد ما سبق تدهور مكانة مصر في التنافسية الدولية، والتي انتهى بها الحال إلى مستوى 134 من أصل 140.
وتابع مغيث "الامتحانات وصلت إلى حدود انهيار غير مسبوقة، وهو مالم تعالجه الدولة في نظامها الجديد "البوكليت"، لأن التعليم غير كاشف عن مستوى الحقيقي للطالب لاعتماده على الحفظ لا الفهم، وهذا ما أظهرته ظاهرة الغش التي لم تعالجها الوزارة، فبدلاً من محاولة تقديم حلول حقيقية للعملية التعليمية من أساسها، لجأت الوزارة إلى حيل فنية غير مجدية و ليس لها معنى، ولن تساهم في حل أزمة التسريب".
وأضاف مغيث "ألا يمكن لبعض الطلاب تسريب ورقة البوكليت نفسها قبل وأثناء الامتحان؟ يمكن لطالب فعل ذلك من خلال النوافذ أو المراقب، الدولة إلى الآن لم تقدم حلولا عملية للأزمة، ولم تفسر ما الذي حدث العام الماضي، واكتفت بإلقاء المسؤولية على الطالب والمجتمع وتنصلت من المسؤولية".
من الجاني
قال عبد الحفيظ طايل مدير المركز المصري للحق في التعليم، إن الدولة دائما ما تلجأ لأمور تظنها حلولا وهي ليست كذلك، فكيف تأكدت الدولة أن نظام البوكليت سيمنع تسريب الامتحانات، خاصة وأنها لم تقدم حتى الآن المتسبب في تسريبات العام الماضي للمحاكمة، حتى من القي القبض عليهم من الموظفين في المطابع لا يعلم أحد مصيرهم حتى الآن وماذا تم معهم، لأننا تنقصنا الشفافية.
وتوقع طايل تكرار ظاهرة الغش الجماعي وتسريب الامتحانات مرة ثانية، قائلا "لن يفلح تدخل جهات سيادية لتأمين الإمتحانات لأن ذلك يؤدي إلى توزيع المسؤولية على أكثر من جهة ومن ثم مزيدا من الارتباك المجتمعي.. نحتاج إلى كودر علمية وإدارة تنظم العملية التعليمية ككل وتعيد هيكلتها وإحداث نهضة تقضي على الغش الجماعي".