أحدث الأخبار
قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن إخفاق القاهرة في إيجاد قاتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني عكر صفو العلاقات بين مصر وإيطاليا، خاصة بشأن الوضع ليبيا.
تسترجع خبيرة القانون الدولي، باز زاراتي آخر حوار دار بينها وبين ريجيني، ونقلت الصحيفة عنها أن ريجيني كان سعيدا في حياته وكان البحث الذي يجريه سببا في شعوره بالرضا، وقالت "كان يشعر بالتقدير، وكان يحاول مساعدة الآخرين على الدراسة".
وأشارت الجارديان، في تقرير نشر على موقعها الإلكتروني، إلى أن زاراتي وبعض أصدقائها المقربين هم من بدأوا الحملة الدولية بعنوان "الحقيقة من أجل جيوليو ريجيني" للمطالبة بالبحث عن قاتل ريجيني.
واختفى ريجيني (28 عاما) في القاهرة يوم 25 يناير 2016، وعثر على جثته وبها آثار تعذيب بعد عدة أيام.
وأطلقت هذه الحملة بعد تسعة أيام من العثور على جثة ريجيني، وكان لها تداعيات كبيرة على العلاقات بين مصر وإيطاليا، التي استدعت سفيرها في القاهرة لاستيائها من نقص التعاون المصري بخصوص التحقيقات حول مقتل ريجيني.
وقالت الجارديان إن مزيدا من التفاصيل عن أيام ريجيني الأخيرة باتت معروفة الآن، بما فيها اعتراف محمد عبد الله، رئيس نقابة الباعة الجائلين، بتحذيره السلطات المصرية بقيام ريجيني بدراسة عن الحركات العمالية، غير أنه ليس مؤكدا إذا كان تحذير نقيب الباعة الجائلين هو ما أدى إلى مقتله، لكن في إيطاليا، يُعتقد على نطاق واسع، أن ريجيني عُذب وقُتل على يد عناصر من الحكومة المصرية، حتى وإن كانت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تنفي تورطها في الأمر.
وقال مسؤول إيطالي تحدث شريطة عن الإفصاح عن هويته "نحن في مأزق". موضحا أن الحكومة الإيطالية تصارع نفسها بين رغبتها في معرفة ملابسات الحادث وفي إنهاء الطريق المسدود الذي وصلت إليه مع مصر، في ظل وجود ملفات سياسية خارجية ملحة، لا سيما تفاقم الأزمة في ليبيا، حيث تمتع مصر بنفوذ هائل هناك.
وترجح الاجتماعات التي عقدت عدة مرات في روما بين محققين مصريين وإيطاليين حدوث تقدم في قضية مقتل ريجيني. لكن على الرغم من أن إعلان مسؤولين ايطاليين أنهم تلقوا الآن جميع الأدلة المطلوبة، مثل سجلات المكالمات الهاتفية، إلا أنه يوجد ضمانات قليلة من أن هذا الحوار سيؤدي إلى أي إجراءات ملموسة من جانب نظام العدالة المصري.
وقوبلت جهود مستقلة لعائلة ريجيني للمطالبة بإجابات بالصمت، إذ طلب المستشار القانوني للعائلة في مصر، مرتين، نسخة من ملف القضية الموجود لدى النائب العام المصري، والذي من المرجح أن يحتوي على معلومات حساسة تضم أسماء المتورطين في مقتل ريجيني، وهو الطلب الذي لم تتم الاستجابة له.
وقال أحمد عبد الله رئيس مجلس أمناء المفوضية المصرية للحقوق والحريات، والذي يمثل عائلة ريجيني، للجارديان، " لقد طالبنا هذه الأوراق (أوراق القضية) من النائب العام المصري.. ولكن دون إجابة ".
وأضاف أن "إعطاء المحامين أوراق القضية بمثابة اعتراف بأننا نعمل على القضية ويمكننا طلب شهود".
وذكرت الجارديان أن الإخفاق الواضح طوال هذه المدة في القبض على قاتل ريجيني عكر العلاقات بين مصر وإيطاليا مما صعّب التواصل مع القاهرة بشأن استقرار الأوضاع في ليبيا، وهو الهدف الأهم في السياسة الخارجية لإيطاليا.
وتدعم مصر خليفة حفتر، القائد العسكري لحكومة شرق ليبيا، والذي يعارض حكومة طرابلس التي تدعمها إيطاليا والأمم المتحدة، حيث أعادت روما فتح سفارتها هناك.
وتعد ليبيا هي نقطة انطلاق اللاجئين إلى إيطاليا عبر البحر والذين وصل عددهم إلى أكثر من 180 ألف لاجئ في عام 2016.
وقال ستيفانو ستيفانيني، السفير السابق لحلف الناتو إلى إيطاليا، "نحن بحاجة إلى قدر كبير من الدبلوماسية الإقليمية في ليبيا، ويمكن لقضية ريجيني أن تكون حجر عثرة"، مضيفا أن هذه القضية أضعفت العلاقات بين إيطاليا ومصر إلى أدنى مستوى ما أدى إلى تفاقم المشكلات في مناطق أخرى.
وقال مسؤول حكومي أمريكي رفيع المستوى خدم في عهد باراك أوباما إن مقتل ريجيني "ألحق ضررا بالغا بالعلاقات بين مصر وإيطاليا". فيما نفى المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، وجود ضرر دائم في العلاقات، وقال "بالطبع في البداية كانت هناك حساسيات وتوتر بين السلطتين (المصرية والإيطالية) فيما يتعلق بالتحقيق بسبب رغبة الجانب الإيطالى في التوصل إلى نتائج في أسرع وقت ممكن".
وأضاف أبو زيد "مع مرور الوقت والتعاون (بين الجانبين).. فأنا أعتقد أنه بات واضحا للجانب الإيطالي أن السلطات المصرية تبذل قصارى جهدها للوصول لقاتل ريجيني".
ومازال مسؤولو وزارة الخارجية الإيطالية، يبحثون ما إذا كانوا سيعيدون السفير إلى القاهرة. وقال ماريو جيرو، مساعد وزير خارجية إيطاليا، إن بلاده لم تتخذ قرارا بعد حول تلك المسألة وتنتظر تفسيرا واضحا لما حدث.
وبرغم تدهور العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيطاليا، توسعت صفقات الطاقة التي تقدر بمليارات اليورو بين البلدين.
فيما طورت شركة "إيني" الإيطالية للنفط تعاملاتها مع مصر وتعهدت بدخول حقل "ظهر" للغاز الطبيعي في الإنتاج قبل انتهاء عام 2017 وزيادة الاستثمار في مصر بمبلغ 3.5 مليار دولار، رغم إصدار الشركة من قبل بيان يطالب بتحقيق العدالة في قضية مقتل ريجيني.
ونظر إلى قضية مقتل ريجيني باعتبارها رمزا لعدد كبير من حالات الاختفاء القسري في مصر، ومرتبطا على نحو واسع بالتعذيب، حيث يحتجز الضحايا في سرية دون السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم أو محاميهم في مصر، بحسب الصحيفة.