أحدث الأخبار
في عام 1954 ذهبت المصورة الفرنسية "أنييس فاردا" إلى أحد الموانىء الفرنسية الصغيرة تلبية لرغبة صديق مريض في مشاهدة صور لقريته التي لم يعد قادرا على زيارتها.
لم تعرف وقتها أن هذه الخدمة البسيطة ستغير مسار حياتها من التصوير الفوتوغرافي إلى عالم السينما وتضعها على أول طريق العالمية لتصبح واحدة من أهم وأشهر المخرجات في العالم وأحد رواد "الموجة الجديدة" في السينما الفرنسية.
*الدورة العاشرة
ويحتفي مهرجان القاهرة لسينما المرأة في دورته العاشرة، التي تنطلق 4 مارس المقبل، بالمخرجة الفرنسية أنييس فاردا؛ حيث يناقش أعمالها، ويعرض 10 من أفلامها.
وقالت أمل رمسيس، رئيسة المهرجان، لأصوات مصرية، إن المهرجان يختار مخرجة جديدة كل عام لتسليط الضوء على أبرز أعمالها، وإن اختيار فاردا لهذا العام جاء في إطار الاحتفال بمرور 10 أعوام على انطلاق المهرجان كونها الأهم والأشهر في مجال الإخراج النسائي.
وأشارت إلى أنها لن تستطيع القدوم إلى القاهرة نظرا لكبر سنها حيث تقترب من عقدها التاسع، ولكن المهرجان سيقدم 10 من أبرز أفلامها من بينها شواطيء أنيس، أنا وجامعو المخلفات، المتشردة.
ويستهدف مهرجان القاهرة لسينما المرأة إلقاء الضوء على أعمال المخرجات النساء من مختلف دول العالم، ويتاح للجمهور مشاهدة الأفلام المشاركة في المهرجان بشكل مجاني وتحرص إدارة المهرجان على ترجمتها بالعربية والإنجليزية، وتقام العروض هذا العام في مسرح الفلكي بوسط القاهرة ومركز الإبداع الفني بدار الأوبرا ومعهد جوته بالدقي.
ويستمر المهرجان لمدة 6 أيام يقدم خلالهم أكثر من 50 فيلما لمخرجات من مصر وفرنسا وألمانيا واليونان والأرجنتين والمكسيك ولبنان وإيران والسودان وغيرها، واختيرت سويسرا لتكون ضيفة شرف المهرجان لهذا العام.
*الموجة الجديدة
ويتخلل المهرجان حلقة نقاشية عن أعمال المخرجة الفرنسية أنييس فاردا، والتي حصلت على جائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان عام 2015 عن مجمل أعمالها المتجاوزة 30 عملا، والمتنوعة بين أفلام قصيرة ووثائقية وخيالية.
وتعد فاردا إحدى رائدات "الموجة الجديدة" التي اتبعها السينمائيون الفرنسيين، منذ نهاية خمسينيات القرن العشرين، وتمردوا خلالها على الشكل السينمائي الكلاسيكي، وعبروا عن روحهم الشبابية المتمردة، كما شارك العديد منهم بأعماله في الانقلابات السياسية والاجتماعية في تلك الفترة.
وأسست فاردا عام 1954 شركة إنتاج وتوزيع خاصة حتى تستطيع صنع أفلام غير تجارية دون قيود على حريتها الإبداعية، وقدمت في هذا العام أول أفلامها "لابواينت كورت"، وهو الفيلم الذي صورته في أحد الموانىء الفرنسية الصغيرة التي تحمل نفس الاسم، عن طريق المصادفة خلال ذهابها لالتقاط بعض المشاهد بكاميرتها الفوتوغرافية، لإدخال السرور على صديق لها أصابه مرض عضال منعه عن الحركة ومنعه من زيارة مسقط رأسه.
وتدور أحداثه حول زوجين يمران بعاصفة من الأزمات والمشاكل الزوجية.
*قضايا المرأة
وركزت فاردا في كثير من أفلامها على قضايا المرأة، ففي فيلم "الأوبرا-موف" عام 1958 استعرضت المشاعر المضطربة التي تشعر بها المرأة بعد الإنجاب، مقدمة رؤية مختلفة لمشاعر الأمومة تختلف عن النظرة التقليدية الرومانسية، وعبرت عن هذه القضية بطريقة سريالية وكانت وقتها حامل في طفلها الأول.
وفي فيلم "كليو من 5 إلى 7" عام 1961، عبرت عن نظرة المجتمع إلى المرأة وجسدها كأداة للجنس من خلال حياة مغنية بوب تنتظر نتائج فحص طبي لمرض قد يكون مميتاً، وعالجت نفس الموضوع في فيلم "بلا سقف ولا قانون" عام 1984 وصورت فيه موت شابة متشرّدة من وجهة نظر عدة أشخاص التقوها قبل موتها.
كما تناولت قضايا المهمشين، وناقشتها في عدد من أفلامها مثل "أنا وجامعو المخلفات" الذي يصور الأشخاص الذين يعيشون على الأطعمة الملقاة في المهملات في الوقت الذي يعيش فيه بقية أفراد المجتمع الاستهلاكي بفائض زائد عن حاجتهم.
واستعرضت فاردا قصة حياتها في أحد أفلامها وهو شواطىء أنيس عام 2008 وقدمته بأسلوب أشبه بالكولاج يمزج بين الوثائق والصور وإعادة التمثيل والتجهيز الفني.
وكرمت المخرجة في مهرجان لوكارنو عام 2014، كما حصلت على جائزة الإنجاز مدى الحياة من الأكاديمية السينمائية الأوروبية، في ديسمبر 2014.
*السعادة.. موضوع أفلام ورشة الدقيقة الواحدة
وبالعودة إلى مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة، أشارت أمل رمسيس رئيسة المهرجان إلى اختيار "السعادة" لتكون موضوع أفلام ورشة "الدقيقة الواحدة" لهذا العام، قائلة "عملنا 3 ورش السنة دي في القاهرة والمنيا والنوبة شارك فيها 45 فتاة وهيتم عرض إنتاجهم من أفلام الدقيقة الواحدة خلال المهرجان".
وأفلام "الدقيقة الواحدة" ورشة ينظمها المهرجان سنويا يتم خلالها تدريب عدد من الفتيات على تصوير وإخراج أفلام قصيرة لمدة دقيقة واحدة، عن موضوع معين.
وتعرض أفلام الورشة يوم الأحد 5 مارس في الساعة 5 مساء بمعهد جوتة في الدقي.
وأضافت رئيسة المهرجان أن "الأفلام عبرت عن مفهوم كل بنت للسعادة وإية الحاجات اللي ممكن تسعدها، وعبروا من خلالها كمان عن افتقادهم للسعادة وأملهم في وجودها".
وأشارت إلى أنه بمناسبة الدورة العاشرة للمهرجان ستعرض أفضل الأفلام التي شاركت في المهرجان خلال العشر سنوات الماضية.
وأشارت إلى مشاركة فيلمين مصريين في المهرجان هما فيلم "أسبوع ويومين" للمخرجة مروة زين الذي يعرض لأول مرة في مصر بعد عرضه في مهرجان دبي، وفيلم "عن الشعور بالبرودة" للمخرجة هالة لطفي والذي سبق عرضه بالمهرجان في دورته الأولى عام 2008 ضمن قائمة أفضل أفلام على مدار العشر سنوات الماضية.