ثومة، أم كلثوم، كوكب الشرق، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل أو فنانة الشعب.. كلها ألقاب أطلقها عليها الجمهور العاشق لحنجرتها الذهبية، وصوتها الجهور الممزوج بدفء الإحساس الذي يطرب كل من سمعه كبيرا كان أو صغير، فهو صوت يشبع كل الأذواق ويتعلق به الفؤاد.

وتحل اليوم، 31 ديسمبر، ذكرى ميلاد أسطورة الغناء فاطمة بنت الشيخ إبراهيم السيد البلتاجي ابنة قرية طماي الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية.

فمنذ بداية مشوارها الفني عام 1923 وحتى وفاتها عام 1975، قدمت ما يزيد عن 400 أغنية حول العالم العربي كله، من بينها "طالت ليالي البعاد" كلمات أحمد رامي وألحان محمد القصبجي، و"الحب كده" كلمات محمود بيرم التونسي وألحان رياض السنباطي، و"فكروني" من ألحان محمد عبد الوهاب، و"ألف ليلة وليلة" من ألحان بليغ حمدي.

وكان رياض السنباطي ومحمد القصبجي وزكريا أحمد وبليغ حمدي هم أكثر الملحنين الذين تعاونت معهم "الست".

وكان أحمد رامي من أشهر الشعراء الذين تعاونت معهم أم كلثوم، حيث غنت له 139 أغنية ويليه بيرم التونسي وغنت له 31 أغنية، كما غنت 4 أغنيات لصلاح جاهين.

وفي عام 1943، أسست أم كلثوم أول نقابة للموسيقيين وظلت محتفظة برئاستها لمدة عشر سنوات.

"الحب كده وصال ودلال ورضا وخصام.. أهو من ده وده الحب كده مش عايزه كلام الحب كده"، كلمات ما زال يدندنها جيل القرن الواحد والعشرين، فتنتشر بين الشباب الآن أغنيات قدمتها أم كلثوم في فترة الستينيات مثل (فكروني، دارت الأيام، ألف ليلة وليلة، سيرة الحب، أنا وأنت ظلمنا الحب، فات الميعاد، أنت عمري، بعيد عنك حياتي عذاب).

ولم تكتف كوكب الشرق بالغناء وحده وأرادت أن تدخل الفن من كل أبوابه، فدخلت عالم السينما وقدمت 6 أفلام، منها فيلم "وداد" الذي شارك باسم مصر لأول مرة في مهرجان فينيسيا الدولي عام 1936، كما قدمت أفلام "نشيد الأمل" و"دنانير" و"عايدة" و"سلامة" و"فاطمة".

وتعتبر تلك الأفلام من أبرز الأفلام الغنائية في تاريخ السينما المصرية خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات.

* المناضلة

عرفت أم كلثوم بوطنيتها، فكانت أول من تبرعت بمجوهراتها في سبيل بلادها وبادرت بجمع التبرعات وتخصيص إيرادات حفلاتها للمجهود الحربي.

وسبق أن قامت أم كلثوم بالتبرع،عام 1956 بمبلغ عشرة آلاف جنيه لإعادة إعمار مدينة بورسعيد التي عانت من القصف خلال العدوان الثلاثي على مصر.

ولم تقتصر إيرادات حفلات أم كلثوم داخل مصر بل شملت حفلاتها الخارجية، حيث أحيت حفلاً على مسرح «أوليمبك» بباريس، وجمعت خلاله 212 ألف جنيه استرليني، وحفلاً بسينما الأندلس في الكويت، والذي قدرت إيراداته بـ100 ألف دينار ذهبت جميعها إلى الجيش.

*أغان وطنية

إلى جانب أغاني الحب التي اشتهرت بها أم كلثوم وأسرت بها القلوب، خصصت كوكب الشرق حيزا من أغانيها لتمجيد وطنها، منها "مصر التي في خاطري" (ألحان رياض السنباطي وكلمات أحمد رامي)، "أنا الشعب" (ألحان محمد عبد الوهاب وكلمات كامل الشناوي)، "والله زمان يا سلاحي" (ألحان كمال الطويل وكلمات صلاح جاهين) والذي أصبح نشيدا قوميا، "أصبح الآن عندي بندقية" (ألحان محمد عبد الوهاب وكلمات نزار قباني)، "ثوار ثوار" (ألحان رياض السنباطي وكلمات صلاح جاهين)، "الله معك" (ألحان رياض السنباطي وكلمات صلاح جاهين)، "إنا فدائيون" (ألحان بليغ حمدي وكلمات عبد الفتاح مصطفى)

وتقلدت أم كلثوم خمسة أوسمة رفيعة، منها وسام الرافدين من قبل الحكومة العراقية في 1946 وهو أعلى وسام يمنح في العراق في عصر الحكم الملكي آنذاك. كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من مصر، ووسام الجمهورية التونسية من رئيس تونس الحبيب بورقيبة.

وعاشت كوكب الشرق مناضلة وماتت مناضلة، فأرادت في أيامها الأخيرة أثناء صراعها مع المرض أن تهدي مصر أغنية بمناسبة نصر أكتوبر، ولكنها توفيت ورغبتها لم تتحقق. ففي 22 يناير عام 1975، أعلن وفاة سيدة الغناء العربي بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي.