أحدث الأخبار
أصبح معروفا الآن أن المرأة وصلت إلى سدة الحكم في مصر القديمة أكثر مما كان يعتقد كثير من الناس قبل عقود فقط. وحدث ذلك قبل وقت طويل من تولي الملكة حتشبسوت العرش، وفقا لتقرير نشره موقع "الأصول القديمة" أمس الأربعاء.
وذكر الموقع أن علماء المصريات ظلوا لفترة طويلة يعتقدون أن النساء تولين القيادة بعد بضعة قرون من عهد الأسرة الأولى في مصر القديمة. لكن في نهاية الأمر أصبحت حقيقة معروفة أن حاكمات قويات من النساء تولين الحكم في الفترات الأولى. ويوفر ذلك قصة جميلة عن حاكمات قويات في مصر القديمة.
ومن الاعتقاد الشائع أنه لكي تتولى المرأة الحكم في مصر كان عليها أن تتصرف مثل الرجل بل وقد تزعم أنها رجل كما كان في حالة الملكة حتشبسوت التي حكمت خلال عهد الأسرة الثامنة عشرة في عصر الدولة الحديثة. وكانت دائما تلبس وتتزين بملابس الرجال، وأشاعت أنها ابنة آمون لإقناع الشعب بأنها تستطيع الحكم.
لكن النساء من الأسر الأولى في مصر القديمة كان لهن وضع مختلف، فكانت المرأة أم للملك وحاكمة ووصية على العرش أيضا.
ورغم أنه من المستحيل معرفة كل التفاصيل عن أوقاتهن لكن يمكن للمرء افتراض أن موقعهن في البلاط الملكي كان قويا.
كانت أول امرأة عرفت باعتبارها حاكمة قوية لمصر هي "نيث حتب"، زوجة نارمر الذي يرجح العلماء أنه الملك مينا موحد القطرين. ودفنت نيث حتب، ويعني اسمها أن "الإلهة نيث راضية" في نقادة بمحافظة قنا -التي يرجع تاريخ حضارتها إلى ما قبل الأسرة الأولى في مصر القديمة- مما يشير إلى أنها كانت ابنة في طابور طويل من الحكام المحليين.
وهي معروفة من "السجل الأثري". وتقول جويس تايلدسلي، وهي عالمة آثار بريطانية وباحثة في التاريخ المصري القديم:
"المقارنة مع المقابر المثيرة للإعجاب للملكتين نيث حتب وهرنيث (تعني: وجه نيث)، تشير إلى أنهما ليستا أعضاء في العائلة المالكة المباشرة. رغم ذلك هن نساء اعتبرن مهمات بما يكفي ليستحقا الدفن إلى جوار ملكهن. لم يكن هذا شرفا ضئيلا إذ يمنحهن الفرصة لمشاركة جوانب الحياة الأخرى السماوية للملك.
وذكر التقرير أن البعض يعتقدون أن نيث حتب حكمت كوصية على العرش مع ابنها الذي كان أصغر من أن يكون ملكا حقيقيا بعد وفاة نارمر. ومهدت الطريق لحاكمات أكثر أهمية.
وكانت المرأة في عهد الأسرة الأولى مهمة وثرية وتؤكد قبور النساء مكانتهن.
ومن الأسماء الأخرى المعروفة لملكات في هذه الفترة "بنريب"، "هرنيت"، كينتاب"، "ميرت نيت".
وارتفعت آخر واحدة من هؤلاء فوق الآخريات في لوحات المقابر، ومن المؤكد أنها كانت حاكمة لمصر.
كانت ميرنيت أو ميرت نيت وصية على العرش أو شريكة في الحكم، ويرتبط اسمها بالربة نيث وتعني (محبوبة نيث) وحكمت مصر بعد وفاة زوجها "جت" لأن ابنهما كان أصغر من أن يحكم، وشغلت السلطة حتى أصبح ابنها "دن" ناضجا بما يكفي ليصبح ملكا.
لكن التقرير يقول إنه نظرا لقلة المصادر فمن الصعب استنتاج إن كانت هي الملكة الأولى أو الثانية التي حكمت مصر، وإذا كانت الثانية فإن عهدها تم توثيقه بشكل أفضل من سالفتها.
يبدو أن ميرنيت نسيت –عمدا أو سهوا- خلال فترة عصر الدولة الحديثة، فلا يظهر اسمها ضمن قائمة الحكام ولكنه موجود على حجر باليرمو الشهير الذي أنتج خلال المملكة القديمة، ويحتوي على قائمة ملوك مصر من عصر الأسرة الأولى إلى بداية عصر الأسرة الخامسة. وعرف اسمها من ختم وجد في مقبرة ابنها دن، ويذكر الختم أسماء الحكام الذين سبقوه من ملوك الأسرة الأولى.
وما عدا ميرنيت كان كل الحكام الآخرين ذكورا بالتأكيد لأن أسماءهم مرتبطة بالإله حورس، وفقط ميرنيت كان لقبها أم الملك.
مع ذلك كان أكبر دليل على حياتها وتوليها الحكم محفوظا في قبرها الموجود بين المقابر الملكية للذكور في أبيدوس، وهي مدينة بمحافظة سوهاج اتفق معظم علماء الآثار على أنها عاصمة مصر الأولى في نهاية عصر ما قبل الأسر وخلال فترة الأسر الأربعة الأولى.
والمقبرة y مجمع في أبيدوس يتبع الملك ميرنيت (اسم امرأة). واكتشفت أدوات محفور عليها اسمها في المصطبة رقم 3503، بالقرب من سقارة في الجيزة، من بينها جرار وأوان حجرية وأختام.
ويختلف بعض العلماء مع هذه المعلومات ويشيرون إلى أنه لا توجد مصادر كافية لتأكيد أنها حكمت بمفردها، وعلاوة على ذلك وجد ختم في مقبرة أخرى يضم كافة أسماء حكام الأسرة الأولى فيما عدا ميرنيت.
وتعد الإلهة نيث واحدة من أعقد وأقدم الآلهة المصرية القديمة. وأعطت بناتها الإلهام لحكم العالم. وكان الحكام الإناث الأوائل كرسن قوتهن وحياتهن لهذه الإلهة.
وبعد وفاة ميرنيت، برزت أسماء ساشيمتكا، سيمت، ساريسور، باتيراتيس.
ولا تبدو عهودهن مثيرة لكثير من الاهتمام، وربما كن مجرد زوجات للفرعون. لكن جاء في نهاية الأمر حكام من نساء تولين السلطة في مصر القديمة.